• لا لمساندة الاستبداد بالمسألة الأمازيغية، مباشرة أو مداورة

    إلى الانتخابات.. إلى المؤسسات... هذا هو ملاذ الدولة البورجوازية حين تواجه ثورة شعبية أو نضالا جماهيري قصد توجيهه في قنوات "شرعية"، لنقل مركز الثقل السياسي من الشارع إلى مؤسسات الدولة البورجوازية التي قام الثورة أصلا ضدها لا لمساندة الاستبداد بالمسألة الأمازيغية، مباشرة أو مداورة .

    وقد نجحت هذه "التقنية" في امتصاص غضب الجماهير في أكثر من مرة في تاريخ الثورات. يعمل الاستبداد بالمغرب على سلوك هذا النهج لإضفاء الشرعية "الديمقراطية" على مراوغاته السياسية لتفادي مصير أنظمة تونس ومصر وليبيا، وذلك بمساعدة أحزاب تقتات من الفناء الخلفي للقصر وتستمد مرجعيتها من الخطابات الملكية.

    يواجه النظام خطرين يحاول تجاوزهما بتنظيم انتخابات 25 نوفمبر؛

    خطر الامتناع السلبي للشعب عن الانتخابات وخطر حركة 20 فبراير التي تحاول جاهدة إضفاء مضمون سياسي على هذا الامتناع السلبي بنقله إلى الشارع بحملة منظمة لتحريض المواطنين على هجر صناديق الاقتراع والاستمرار في النضال الجماهيري بالشارع. المأزق الذي يحاول الاستبداد تلافيه هو التقاء هذين العاملين، ما يحول الامتناع السلبي للجماهير إلى حركة واعية بالدور الحقيقي لتلك المؤسسات وتعمل على إسقاطها.

    إن أي تنظيم يدعي انخراطه في "الحراك الاجتماعي والسياسي" الذي تمثل حركة 20 فبراير رأس حربته، عليه أن يختار صفه؛ إما الوقوف إلى جانب دعوة حركة 20 فبراير للمقاطعة صراحة والعمل على تطويرها، وإلا سيجد نفسه يساعد النظام على إنجاح مراوغاته.. وأي سفسطة غير ذلك فهي هروب من النقاش الحقيقي.

    أزطا امازيغ.. تهرب من موقف نضالي 

    استمرارا في "نهجها الترافعي" أصدرت الشبكة الأمازيغية مذكرة وجهتها إلى الأحزاب السياسية بمناسبة انتخابات 25 نونبر متضمنة جملة من المطالب والتوصيات ونظمت لقاءات مع هذه الأحزاب قصد حثها على إدماج هذه المطالب في برامجها الحزبية.

    سبق لأزطا أن أعلنت في بيان مؤتمرها الثالث، أن الدستور المرقع "لا يستجيب لطموحات مناضليها".. وأعلنت استمرار انخراطها في نضال حركة 20 فبراير، إلا أن الروح الذي يحكم هذه المذكرة ينطق بالعكس. فالاستياء من الدستور و"الرفض المطلق لكل أشكال الاستبداد"، يفرض أيضا رفض كل خطوة من طرف نظام الاستبداد لجعل ذلك الدستور أمرا واقعا. وإعلان الانخراط في حراك 20 فبراير لا يعني شيئا آخر غير الانخراط في نضالها من أجل مقاطعة الانتخابات.

    أما ما جاء في المذكرة من دفع "الأحزاب السياسية المغربية سواء التي أعلنت مشاركتها في الاستحقاقات المقبلة أو التي اختارت مقاطعتها إلى ضمان استعمال اللغة الأمازيغية نطقا وكتابة في كل الوسائط التواصلية التي ستوظفها في حملتها الانتخابية أو من أجل الدعوة إلى مقاطعتها". فلا يعدو إلا تهربا من واقع لا يمكن الهروب منه كما أعلن عماد بولكيد عضو المكتب التنفيذي لأزطا؛ "لا يمكن لأي فاعل في الساحة السياسية حاليا أن يتجاهل ما يجري في المنطقة". في حين أن المذكرة لا تعني إلا تجاهله.

    إن هذه التوصية لا تعني سوى حث الأحزاب التي تدعم الاستبداد وتعمل جاهدة على إنقاذه من حركة تحصره في الزاوية كما أنقذته سابقا من "سكتة قلبية"، على استعمال اللغة الأمازيغية وسيلة لإنجاح تكتيك نظام الاستبداد. وهي وصية لا تنتظرها هذه الأحزاب من مذكرة أزطا بل تتفنن في استعمالها، وفي استعمال رموز الأغنية الأمازيغية كما هو الحال مع تبعمرانت التي رشحها التجمع الوطني للأحرار.

    ربما استباقا لمذكرة أزطا قام حزب التجمع الوطني للأحرار بترشيح الفنانة الأمازيغية فاطمة تبعمرانت، هذه الأخيرة التي ساهمت في حملة الحزب بمنطقة تيزنيت إلى جانب عزيز أخنوش.

    استعملت هذه الفنانة مكانتها لدى جمهور الأغنية الأمازيغية لحث ساكنة منطقة تافراوت القروية على التصويت ومهاجمة من يدعو للمقاطعة بمبرر الإسهام في بناء وطن خربه من تقوم بالحملة من أجلهم.

    إن الدفاع عن الأمازيغية بدون مضمون اجتماعي واقتصادي يختار الوقوف إلى جانب مصالح الكادحين، لا ينتج إلا أمازيغية في خدمة الاستبداد.

    كان على أزطا التي أعلنت انخراطها في حركة 20 فبراير أن تستعمل اللغة الأمازيغية وكل ما هو تقدمي في ثقافة وتاريخ الأمازيغ لتساهم في المحاولات الجارية لقبر الاستبداد الذي أعلنت "رفضها المطلق بكل أشكاله"، كما أدانت "الجهات الداعمة له لما تتحمله من مسؤولية في ما آلت إليه الأوضاع المتسمة بالفقر والفساد..."، هذه الجهات ليس إلا هذه الأحزاب التي تدعوها أزطا لاستعمال اللغة الأمازيغية في حلمتها الانتخابية. ورغم ذلك تنبه الشبكة "إلى خطورة التعامل السلبي مع الأمازيغية لغة وثقافة وحضارة... من خلال الاستغلال الانتهازي الضيق".. في الانتخابات طبعا؛ "طلع تاكل الكرموس.. نزل شكون لي قالها ليك".

    لتبرير هذه الخطوة التي لا تنسجم مع إعلان الشبكة انخراطها في نضال حركة 20 فبراير انبرى عماد بولكيد في تعريف الحركة الأمازيغية على أنها "حركة مدنية مستقلة عن الأحزاب وعن الدولة، وقوتها في رأيي تستمدها من هذه الاستقلالية التي تمنعها من الانسياق مع الحسابات والتحالفات الانتخابية الضيقة.." ما يبرر حسبه "وقوفها على المسافة نفسها من كل الأحزاب سواء المشاركة منها أو المقاطعة". وهو تبرير خاطئ من وجهة نظر من اختار الاصطفاف إلى جانب الحراك الشعبي مبدئيا.

    إن الخيار الآن ليس بين الوقوف إلى جانب أحزاب اختارت المشاركة أو التي اختارت المقاطعة. وإنما الخيار بين الوقوف إلى جانب "الحراك الاجتماعي والسياسي" ومنه حركة 20 فبراير، أو الاصطفاف إلى جانب الاستبداد.. وغير ذلك ليس إلا النقطة الميتة التي لن تسمح لسيارة أزطا بالسير قدما.

    إنجاح محطة الانتخابات ليست رهان الأحزاب، بل رهان الاستبداد الذي يريد تجديد شرعيته المتآكلة، وهذا هو الرهان الذي تعمل الآحزاب المشاركة حاليا في الانتخابات لإنجاحه. بينما تعمل حركة 20 فبراير والتيارات المقاطعة على إفشال هذه المحطة وتعميق الهوة بين الشعب والاستبداد. فلتختر الشبكة المازيغية صفها.

    إن رفض "بعض الطروحات الجديدة التي برزت في الآونة الأخيرة داعية للتوقيع على بياض باسم الحركة الأمازيغية لفائدة أحزاب معينة، بدعوى أنها عبرت عن مواقف مبدئية اتجاه مطلبنا الدستوري خاصة" كما يؤكد عماد بولكيد، لا يعني إلا التوقيع على بياض بشكل ضمني لتمرير انتخابات وإنقاذ الاستبداد بدعوى أن "الحركة الأمازيغية حركة مدنية مستقلة".

    إن النضال من أجل الأمازيغية والانخراط في نضال حركة 20 فبراير لا يتم بهذه الوسائل ودعوة الأحزاب "المشاركة والمقاطعة" لجلسات في فنادق فاخرة ممولة من طرف منظمات غير حكومية احترفت إفساد الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني.

    النضال من أجل المطالب الأمازيغية لا يفترض القيام بالحملة بواسطة اللغة الأمازيغية "فقط" أو ترشيح فنانين أمازيغيين، بل بالانخراط- فعلا وليس تدبيجا في البيانات- في نضال الشعب المغربي من أجل إسقاط نظام الاستبداد والفساد.

    أزنزار

    Partager via Gmail Yahoo!

  • Commentaires

    1
    altercasaoui
    Mardi 10 Janvier 2012 à 13:40
    altercasaoui

    لا اشاطر  الكاتب رايه في كون ازطا اخطأت في تقديم مذكرة

    مقاطعة النظام لايعني  الانقطاع عن العمل في موضوع الاشتغال (الامازيغية)

     

    Suivre le flux RSS des commentaires


    Ajouter un commentaire

    Nom / Pseudo :

    E-mail (facultatif) :

    Site Web (facultatif) :

    Commentaire :